مشكلة الغيرة

إعداد: د. لؤلؤة الشامي

اسكن في بلد رائع الجمال، واعيش في كنف اسرتي هي جنتي واماني
امي وابي هما اغلي ما في وجوي، يغمرني بالحب والحنان والاهتمام
لم اعرفكم بنفسي أنا سامر عمري عشر سنوات ولدي اخ أكبر مني سنا اسمه حمد وعمره ثمانية عشر عام
وقبل عامين انضمت لنا أختي أجم البنات واسمها سارة
والان ساترك لك مكنونات قلبي وكل ما يجول بخاطري المجال للحديث
أحب اخي الأكبر واجده قدوتي في كثير من الأمور، امي وابي يثقان به جدا ويوكلان له العديد من الاعمال، والعائلة فخورة جدا بأخي.
أحب أختي الصغيرة، العب معها ونضحك كثير، امي وابي يرعانها أكثر
فهي محط انظارهم دوما، وكل افراد العائلة يدللنها

وانا … ماذا عني لم أستطيع ان انافس اخي في ثقة امي وابي
ولم احظي بالدلال كأختي.

اغار منهما، فهما يجدان أنفسهما في موقعهما، وانا لا أحد يهتم بي او ينتظر مني أي شئ
انا أحاول ان أقول لهم انا هنا، أستطيع ان أقوم بكل ما يطلب مني
وانا أيضا لازلت احتاج الدلال والاهتمام

اغار جدا وأصبحت ابكي كثير بمفردي
اغار جدا ولم اعد ارغب بالبقاء معهم في حضور اخي او اختي
أحاول ان أجد نفسي في غيابهم عن انظار ابي وامي

الطفل الأوسط قد يكون محظوظا لقدومه في هذا الترتيب، كأن يحظى بأبوين تدربا جيدا على تربية الأطفال أثناء رعايتهما للابن الأكبر، أو ولادته ضمن عائلة موسعة تضم الأب والأم والأخ أو الأخت.
لكن يوجد عدد من المميزان لكونك الطفل الاوسط:

الميزة الأولى للطفل الأوسط تتمثل في ولادته في منزل مهيأ لاستقبال الأطفال. فالطفل الأكبر يولد في منزل كئيب تميزه رتابة الحياة وفق نمط الكبار، ولكن مع ولادة الطفل الثاني يكون البيت أكثر استعدادا لقبول المولود الجديد، كأن تعرض شاشة التلفاز برامج للأطفال على الدوام، أو توفر صندوق ألعاب أطفال مليء بالألعاب.

الميزة الثانية التي تجعل من الطفل الأوسط أكثر حظا تعلم الوالدين للطرق السليمة في تربية الأطفال، بعد أن ارتكبا كل الأخطاء الممكنة مع الطفل الأول. ومن بين الأمور الإيجابية في هذه الحالة أن الطفل الثاني يولد ووالداه متعودان على قلة النوم والسهر ليلا.

الميزة الثالثة التي قد تجعل من الطفل الأوسط أكثر حظا هي عدم مبالاة العائلة بآرائه ومواقفه. فقد يلقى الطفل الأكبر الرعاية والحنان من الجد والجدة عند زيارتهما إلى درجة قد تكون مملة، بينما يتمتع الأخ الأوسط بحرية التصرف وممارسة شغب الطفولة دون قيود، كالتي تفرض على الأخ الأكبر.

الميزة الرابعة التي تجعل من الطفل الأوسط محظوظا وجوده في مجموعة منذ ولادته. فبوجود أكثر من ابن في البيت سيصعب حتما على الأم أو الأب معرفة الابن الذي كسر غرضا في المطبخ أو لطخ حوض الاستحمام بطلاء الأظافر، وهنا يمكن أن يشكل الأبناء عصابة لا يمكن أن تنفصل أبدا.

الميزة الخامسة، فتتمثل في تجنب الطفل الأوسط لكل الاهتمام الذي حظي به الطفل الأكبر، خاصة فيما يتعلق بارتداء الملابس الرسمية لحضور الأعياد والاحتفالات. ففي أغلب الأحيان يأتي الطفل الأوسط إلى هذا الكون ليجد والدته ملّت من الاعتناء بالأخ الأكبر، وبهذا لن تجبره على ارتداء الملابس الرسمية المملة خلال المناسبات، وإنما ستعمل فقط على التأكد من ارتدائه لملابسه العادية ووضع حفاظات نظيفة.

الميزة السادسة تتمثل في انتهاز الابن الأوسط لفرصة عدم اهتمام العائلة به، على عكس ما حصل مع الطفل الأكبر. فهذه الوضعية في العائلة تمنحه فرصة تجنب الضغط الذي يسلط على الأخ الأكبر، كترقب العائلة تعليمه المشي أو النطق. لذلك يكون هذا الوقت مناسبا للطفل الأوسط ليطور نموه الشخصي المستقل في غفلة من الجميع.

الميزة السابعة، فتتمثل في عدم شعور الأخ الأوسط بالغيرة من أخيه الصغير؛ لأنه سيمثل صديقه في اللعب وشريكه في المشاغبة، على عكس الأخ الأكبر الذي يشعر بشيء من الغيرة عند ولادة الأخ الأوسط؛ لأنه كان يحظى بالرعاية التامة من قبل والديه قبل قدوم أخيه.

الميزة الثامن الذي يجعل من الطفل الأوسط محظوظا يتمثل في وجود أخ أكبر يمكن اعتباره قدوة لتعلم الكثير من الأمور، مثل كيفية استخدام المرحاض، وسرقة الحلوى من المطبخ. وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يعاني الطفل الأوسط من الإهمال، إلا أنه قد ينمو بشخصية مستقلة وقادرة على التفكير خارج الصندوق.
كما أن هناك بعض الأمور المعينة للوالدين لتجنب مشكلات الابن الأوسط
– على الوالدين التعامل مع كل طفل من أبنائهما، وفق مطالب مرحلته السنية بغض النظر عن ترتيبه في الأسرة، وهذا يتطلب وعيا تربويا وقراءة خصائص كل مرحلة سنية، وكيفية التعامل معها بشكل تربوي.
– محاولة إيجاد نوع من أنواع التوازن بين الابن الأوسط وأخوته الكبير والصغير من حيث المعاملة، فلا نبالغ في التعامل مع الابن الأوسط على أنه صغير بالمقارنة بأخيه أو أخته الكبرى، ولكن نحاول تنمية دافع الاستقلال لديه، ولا نسفه من أفعاله وأرائه وأقواله. وكذلك عدم المبالغة في التعامل معه على أنه كبر بالمقارنة بأخيه أو أخته الصغرى، فهو طفل وما زال في حاجة للمداعبة واللعب والمرح معك.
– يجب إكساب الابن الأوسط حافز إيجابي تجاه نفسه، وذلك بالثناء عليه بعبارات المديح التي تصف سلوكياته الايجابية، وكذلك الحال مع باقي الأبناء.
– محاولات العلاج المبكر لحالات الغيرة الناشئة بين الأخوات ( سواء غيرة الابن الكبير من الابن الأوسط، أو غيرة الأوسط من الأصغر ).
– الحرص على أن إشباع احتياجات الابن الأوسط، وإظهار الاهتمام به.
– على الوالدين توفير قدر من الخصوصية لكل طفل من أطفالك، سواء في الأمور المادية ( كشراء احتياجاتهم وتخصيص وقت لكل منهم )، أو في الأمور المعنوية ( من الحب والرعاية والحنان ).
– عدم المقارنة بين الأخوة وبعضهم البعض، لما يولده ذلك من مشاعر ضغينة وحقد.
– على الوالدين التوجه إلى لله – سبحانه وتعالى – بالدعاء، بأن يوفق بين قلوب أبنائهما، وأن يوفقهما للعدل بينهما بالقسط، وأن يصلح ذات بين الأسرة كلها.

ختامًا أن التفرقة هي استثارة لمشاعر الحقد والغيرة بين الأخوة، فالطفل أيًّا كان ترتيبه بداخل الأسرة، لا يعتبر مشكلة إلا إذا تعاملنا معه على هذا الأساس، لذا فالتعامل الطبيعي العادل هو الحل الجذري لكل تلك المشاكل، ولا ننسى قوله تعالى : ” آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ” – النساء:11